نباتات تزرع في الماء والهواء بدون تربة


منذ القرن الثامن عشر تبين للباحثين أن التربة العادية التي تنمو فيها النباتات ليست مهمة للنباتات بل هي مجرد مستودع للمغذيات المعدنية ، التي يمكن توفيرها للنباتات بصورة أيونية غير عضوية ذائبة في الماء وبطربقة إصطناعية .
ومن هنا فقد نشأ مفهوم الزراعة من دون تربة ، والذي له عدة أنماط وأشكال أهمها الزراعة في الماء Hydroponics والزراعة في الهواء Aeroponics وهذان النوعان من الزراعة كانا في البداية تكنيكا بحثيا يتم إجراءهما في المختبرات ومراكز الأبحاث ، ثم تطورا إلى طريقة تجارية بعد أن تبين أنهما يقدمان حلا لمشكلة نقص الغذاء وقلة الموارد المائية ، وأيضا يقدمان حلا لمشكلة التغيرات المناخية المتزايدة التي تشهدها بقاع شتى على سطح الأرض .
ويبين عدد من المصادر التاريخية أنه منذ عدة قرون ، تمت زراعة بعض الخضار في اوعية خاصة موضوع فيها ماء وروث حيوانات ، حيث كان يتم تغطيس جذور النباتات فيها حتى تورق وتعطي ثمارها .
أما المفهوم الحديث لهذه التقنية فيعود إلى عام 1929 عندما نجح أحد طلاب جامعة كاليفورنيا في زراعة الطماطم في محلول مغذي دون أن يستخدم التربة ، وقد أسمى هذه الطريقة بالزراعة في الماء ، وقد تطورت كثيرا هذه التقنية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وأصبحت محط اهتمام عدد من دول العالم كاليابان وبلجيكا والدنمارك ، كما اهتمت بها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا لتأمين حاجة رواد الفضاء من المحاصيل الزراعية الطازجة في المحطات الفضائية ،
وتعتمد فكرة الزراعة من دون تربة على استنبات عدد من النباتات كالخضار والفواكه في أنظمة صناعية خاصة ضمن ظروف مناخية يتم التحكم بها ، ويتم تزويدها بالماء والعناصر الغذائية اللازمة للنبات من خلال شبكة خاصة من الأنابيب ، حيث يتم خلط وتحضير أنواع محددة من الأسمدة بتراكيز دقيقة في مياه الري ، ويتم تمرير تلك المياه في أنابيب تنتهي بأغشية رقيقة تلامس جذور النباتات وتزودها بحاجاتها من الماء والغذاء ، أما المياه الفائضة فيتم إعادتها إلى وحدة معالجة خاصة لإعادة استخدامها من جديد ، وفي هذا النظام تطفو جذور النباتات في ذلك الوسط المائي .
وكذلك أيضا فقد طورت تقنية أخرى ، أطلق عليها اسم الزراعة الهوائية ، وتكون جذور النباتات معلقة في الهواء ويتم رش تلك الجذور بالماء المحتوي على العناصر الغذائية الخاصة بالنباتات ضمن فترات زمنية محددة ودقيقة .
لقد حظيت تقنية الزراعة من دون تربة على اهتمام كثير من الباحثين ، حيث استخدمت أوساط خاملة لنمو النباتات كالبرليت pearlte والفيموكيوليت vemiculite  والصوف المعدني والحجر البركاني .
وبينت التجارب مدى نجاح ذلك النوع من الزراعة ، فلنفس كمية المحصول الزراعي ، يستلزم كميات أقل من الماء بالمقارنة مع الزراعة التقليدية ، كما أن المساحة المخصصة للزراعة دون تربة تكون أقل بكثير من المساحة التي يتم تخصيصها للزراعة التقليدية عند تساوي عدد النباتات ، كما يمكن اللجوء إلى طريقة الزراعة بالرفوف أو الزراعة الرأسية لتوفير المساحة وقد حققت هذه الطريقة إنتاجية عالية خلال لترة زمنية قصيرة .
أيضا تتميز الزراعة من دون تربة بجودة المحاصيل الزراعية وعدم استخدام المبيدات الحشرية ، إذ لا توجد تربة كما أن الوسط الزراعي يكون في الغالب معزولا عن الخارج ، كما تتميز الزراعة بدون تربة بقلة كمية الأسمدة المستخدمة ، والتي قد تصل إلى 80% من إجمالي كميات الأسمدة التي يتم استخدامها في الزراعة التقليدية وهذا يقلل من الكلفة الإقتصادية ويمنع تلوث المياه الجوفية بالأسمدة النباتية الزائدة عن الحاجة ، كما أنها تمتاز بأنها تستلزم عددا أقل من الأيدي العاملة التي لا بد أن تكون مدربة بشكل جيد لمثل هذا النمط غير التفليدي من الزراعة .
إن تقنية الزراعة من دون تربة تفتح آفاقا واسعة نحو إدارة أفضل للموارد البيئية والطبيعية وهي تساعد على تحقيق مفهوم التنمية المستدامة دون إلقاء أعباء جديدة على النظام البيئي لكوكب الأرض جراء التوسع في زراعة المحاصيل الزراعية .

1 التعليقات:

نعيم يقول...

ما هي الأشياء المطلوبة لكي أقوم بزراعة سطح منزلي ؟

إرسال تعليق