"خانق الذباب" ذلك النبات الذي يلجأ لحيلة عجيبة وغريبة يعوض بها نقص عنصر النيتروجين في التربة التي ينمو بها ، ويكون له خطة عمل يقوم على إثرها باصطياد الفريسة ، وبذلك يتحول إلى نبات مفترس آكل للحوم كائنات أخرى بدءا بالحشرات الطائرة كالنحل والذباب ، وانتهاءا ببعض الحيوانات الصغيرة كالضفادع .
ولأداء تلك المهمة الفريدة من نوعها في عالم النباتات وممارسة القنص والافتراس تحورت أوراق ذلك النبات إلى ما يشبه المصيدة التي تطبق على فرائسها بسرعة شديدة ، وذلك بعد جذب الفرائس إليها بواسطة شكلها الجميل ، وتعمل تلك المصيدة النباتية القاتلة وفق نظام دقيق شديد التعقيد والغرابة بالنسبة لنبات أخضر ، حيث توجد بباطن الأوراق المتحورة المكونة للمصيدة شعيرات دقيقة تعمل كمجسات لالتقاط حركة الأجسام الموجودة بداخلها ، وفي حال لمس الفريسة أكثر من شعيرة دقيقة أو لمست ذات الشعيرة مرتين في خلال ثلاثين ثانية تتولد نبضة كهربائية ، وتنتقل تلك الدفقة الكهربية عبر خلايا الورقة المتحورة لتفتح الثقوب الدقيقة الموجودة بجدارها الخلوي ، فيندفع الماء داخل تلك الخلايا مما يؤدي إلى انغلاق المصيدة فجأة مقتنصة الفريسة دون مجال للفكاك ، وهذا النظام الدقيق لاستشعار الحركة يمنح خناق الذباب النظرة الثاقبة للصياد الماهر ، فهو يجعل النبات قادرا على تقييم الفريسة وتحديد إذا ما كانت تستحق الصيد ، أم هي مجرد حشرة صغيرة لا تستحق تجشم كل هذا العناء .
إن خاصة الافتراس النباتي تلك قد أوقعت العلماء في حيرة شديدة إذ وجدوها في نباتات أخرى خلاف خناق الذباب ، مما دفعهم إلى التفكير والتساؤل حول مدى إمكانية أن يتكيف النباتات ويغير من طباعه وفطرته وإلى أي مدى لا يزال عالم النباتات قادرا على إدهاشنا بالمزيد من غرائبه الخفية عن عقولنا .
ويبقى السؤال الكبير معلقا في سماوات الحيرة بعد كل هذا دون جواب ... هل تفكر النباتات حقا ؟
1 التعليقات:
نرجو نشر كل جديد
إرسال تعليق